کد مطلب:335791 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:184

اللقاء 09
وبعد صلاة المغرب حضرت لإكمال البحث والحوار.

مناقشة الأدلة وتفنیدها السید البدری: أما دلیلك كبر سن الخلیفة أبی بكر فقدموه لأنه أكبر سنا من علی بن أبی طالب علیه السلام. صحیح إن أصحاب السقیفة استدلوا بهذا الدلیل لإقناع الإمام علی علیه السلام لیبایع أبا بكر [1] ولكنه دلیل ضعیف وكلام سخیف فلو كان كبر السن ملحوظا فی المنصوب للخلافة، فقد كان فی المسلمین والصحابة من هو أكبر سنا من أبی بكر، حتی إن والده أبا قحافة كان حیا فی ذلك الیوم، فلم أخروه وقدموا ابنه؟!! المؤلف: عفوا سماحة السید إن الملاحظ عندنا والمعروف هو كبر السن والسابقة فی الإسلام وقد كان سیدنا أبو بكر (رض) محنكا فی الأمور ومحبوبا عند رسول الله صلی الله علیه وآله بینما سیدنا علی (كرم الله وجهه) كان حدث السن وغیر محنك فی مجربات الأمور. السید البدری: إذا كان كذلك یا أستاذ فلماذا قدم رسول الله صلی الله علیه وآله علیا



[ صفحه 126]



علیه السلام فی كثیر من الأمور والقضایا؟! أولا: أروی لك هذه النكتة التی وردت فی شرح ابن أبی الحدید الجزء الأول ص 222 قال: قیل لأبی قحافة والد الخلیفة أبی بكر یوم ولی الأمر ابنه: قد ولی ابنك الخلافة: فقرأ: (قل اللهم مالك الملك تؤتی الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) ثم قال: لم ولوه؟ قالوا: لسنه! قال: أنا أسن منه!! ثانیا: فی غزوة تبوك، حینما عزم رسول الله صلی الله علیه وآله أن یخرج مع المسلمین إلی تبوك وكان یخشی تحرك المنافقین فی المدینة وتخریبهم خلف علیا علیه السلام لیدیر أمور المدینة المنورة، دینیا وسیاسیا واجتماعیا وقال له: أنت خلیفتی فی أهل بیتی ودار هجرتی، وأنت منی بمنزلة هارون من موسی، إلا أنه لا نبی بعدی. ثالثا: تبلیغ آیات من سورة براءة لأهل مكة حین كانوا مشركین فقد عین النبی صلی الله علیه وآله أبا بكر لهذه المهمة وأرسله إلی مكة وقطع مسافة نحوها، ولكن الله عز وجل أمر النبی صلی الله علیه وآله أن یعزل أبا بكر ویعین علیا علیه السلام لتبلیغ الرسالة، ففعل النبی صلی الله علیه وآله وأرسل علیا علیه السلام فأخذ الرسالة من أبی بكر، فرجع إلی المدینة وذهب علی علیه السلام إلی مكة فوقف فی الملأ العام من قریش ورفع صوته بتلاوة الآیات من سورة براءة وأدی تبلیغ الرسالة، ونفذ الأمر، ورجع إلی المدینة [2] .



[ صفحه 127]



رابعا: أنه صلی الله علیه وآله بعثه إلی الیمن لیهدی أهلها إلی الإسلام ویبلغهم الدین، ویقضی بین المتخاصمین، وقد أدی هذا الأمر علی أحسن وجه. المؤلف: وما جوابكم سماحة السید عن قول سیدنا عمر (رض) بأن النبوة والحكم لا تجتمعان فی أهل بیت واحد. السید البدری: أیها الأستاذ قول عمر باطل وزیفه واضح بدلیل قوله تعالی: (أم یحسدون الناس علی ما آتاهم الله من فضله فقد آتینا آل إبراهیم الكتاب والحكمة وآتیناهم ملكا عظیما) [3] .

فهذا الكلام إن كان ینسب إلی عمر فهو دلیل علی عدم إحاطته بالآیات القرآنیة ومفاهیمها! وإن كان عمر یرویه عن رسول الله صلی الله علیه وآله فهو حدیث مجعول. لأنه مخالف لكتاب الله العظیم. ثم أیها الأخ المحاور: إن خلافة النبوة عندنا كخلافة هارون لأخیه موسی بن عمران حیث قال سبحانه وتعالی فی كتابه:



[ صفحه 128]



(وقال موسی لأخیه هارون أخلفنی فی قومی وأصلح) [4] .

فإن یكن عندكم، أنه یحق للمسلم أن ینفی خلافة هارون لموسی، فإنه یحق له أیضا عزل علی علیه السلام من خلافة خاتم النبیین صلی الله علیه وآله. فكما إن النبوة والخلافة اجتمعتا فی أهل بیت عمران والد موسی وهارون كما ینص القرآن فیه، كذلك اجتمعتا للنبی صلی الله علیه وآله وعلی علیه السلام فی بیت عبد المطلب، بالنصوص الكثیرة. المؤلف: سماحة السید إن الكلام والنقاش حول هذه المواضیع لا یزید المسلمین إلا تنافرا وحقدا وابتعادا كیفما كان الأمر فنحن ما كنا فی ذلك الیوم، ولم نحضر السقیفة حتی نلمس الأمر ونتحسس الأحداث فأقول لك (تلك أمة قد خلت) فنحن لا نحاسب عنهم إن أخطأوا. السید البدری: هذا جواب من لا یملك الحجة والدلیل الشرعی، فیقول: (تلك أمة قد خلت) یجب علی كل مسلم أن یتبع الحق لا أنه یستسلم للأمر الواقع فكم من ضلال وباطل قائم فی الدنیا فهل یجوز للمسلم أن یتبعه ویتقبله، ثم یقول: إنه أمر واقع ولیس لنا إلا أن نستسلم للأمر الواقع؟! فالإسلام دین تحقیق لا دین تقلید. قال سبحانه وتعالی: (فبشر عباد الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه) [5] .

فهل قول عمر أحسن أم قول رسول الله صلی الله علیه وآله؟!



[ صفحه 129]



فهل یجوز للمسلم أن یترك هذه النصوص الجلیة والأحادیث النبویة المرویة عن صحاحكم وتاریخكم. المؤلف: لقد كررت الكلام بأن علیا كرم الله وجهه وبنی هاشم وكثیر من الصحابة (رضی الله عنهم)، لم یرضوا بخلافة أبی بكر ولم یبایعوه، ونحن نری التواریخ كلها اتفقت علی أن سیدنا علیا وبنی هاشم وجمیع أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله بایعوا أبا بكر. السید البدری: نعم بایعوا، ولكن أسألك كیف تمت هذه البیعة؟! أما قرأت فی كتب التاریخ والحدیث أن علیا علیه السلام وبنی هاشم وكثیرا من كبار الصحابة، ما بایعوا إلا بعد ستة أشهر بالتهدید والجبر، إذ جردوا السیف علی رأس الإمام علی علیه السلام وهددوه بالقتل إن لم یبایع! المؤلف: إنی أعجب من سماحتك أیها السید كیف تتفوه بهذا الكلام ما هو إلا من أساطیر عوام الشیعة وجهلتهم، وقد أكد المؤرخون أن سیدنا علیا (كرم الله وجهه) بایع أبا بكر فی لحظة استلامه للخلافة طوعا ورغبة، وأعلن موافقته لخلافة سیدنا أبی بكر (رض). السید البدری: ألم تقرأ كتب الصحاح والتاریخ أیها المحاور. إرجع إلی صحیح البخاری: 3 - 37 باب غزوة خیبر لتری ما تری.. راجع صحیح مسلم: 5 - 154 باب قول النبی صلی الله علیه وآله لا نورث. وراجع كتاب الإمامة والسیاسة: ص 14. وراجع مروج الذهب، للمسعودی: 1 - 414.



[ صفحه 130]



وابن أعثم الكوفی فی الفتوح. والحمیدی فی الجمع بین الصحیحین. كل هؤلاء: أخرجوا أن علیا وبنی هاشم لم یبایعوا إلا بعد ستة أشهر. وروی ابن أبی الحدید المعتزلی فی شرح نهج البلاغة عن الصحیحین، عن الزهری، عن عائشة. فهجرته [أبا بكر] فاطمة ولم تكلمه فی ذلك حتی ماتت، فدفنها علی لیلا، ولم یؤذن بها أبا بكر، وفی الخبر: فمكثت فاطمة ستة أشهر ثم توفیت. فقال رجل للزهری: فلم یبایعه علی ستة أشهر؟! قال: ولا أحد من بنی هاشم، حتی بایعه علی. وذكر ابن قتیبة فی الإمامة والسیاسة (ص 13) تحت عنوان: (كیف كانت بیعة علی بن أبی طالب كرم الله وجهه). قال: وإن أبا بكر (رض) تفقد قوما تخلفوا عن بیعته عند علی (كرم الله وجهه)، فبعث إلیهم عمر فجاء فناداهم وهم فی دار علی، فأبوا أن یخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذی نفس عمر بیده لتخرجن أو لأحرقها علی من فیها! فقیل له: یا أبا حفص! إن فیها فاطمة! فقال: وإن... وبعد عدة أسطر فی نفس المصدر السابق له یقول: فدقوا الباب فلما سمعت أصواتهم، نادت بأعلی صوتها: یا أبت یا رسول الله! ماذا لقینا بعدك من ابن الخطاب وابن أبی قحافة! فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكین، وبقی عمر ومعه قوم



[ صفحه 131]



فأخرجوا علیا فمضوا به إلی أبی بكر، فقالوا له: بایع. فقال: إن أنا لم أبایع فمه؟! قالوا: إذا والله الذی لا إله إلا هو نضرب عنقك! قال: إذا تقتلون عبدا لله وأخا رسوله. قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا. وأبو بكر ساكت لا یتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فیه بأمرك؟! فقال: لا أكرهه علی شئ ما كانت فاطمة إلی جنبه. فلحق علی بقبر رسول الله صلی الله علیه وآله یصیح ویبكی وینادی (قال ابن أم إن القوم استضعفونی وكادوا یقتلوننی) [6] .

وأعلم أیها الأخ المحاور أن مسؤولیتك خطیرة تجاه الجهلة والعوام لأنهم یأخذون منكم أنتم المثقفون - وأیضا العلماء - ولقد قیل: إذا فسد العالم فسد العالم. أنتم الشباب الواعی المثقف یجب علیكم أن تقرؤوا صحاحكم وتاریخكم ولا تتبعون أسلافكم المتعصبین وأتباعهم فلم تصدقون كل ما تسمعونه عن الشیعة المظلومین عبر التاریخ؟ بینما كل الأخبار التی تتحدث بها الشیعة هی من كتبكم فراجع وأقرأ بعین الإنصاف لأنك مسؤول غدا أمام الله عن هذه الأدلة، ولا تقل إن أبی وجدی كانوا كذا... الدین لیس بالوراثة والدین لیس عادات وتقالید ورثناها عن آبائنا وأجدادنا فالدین علم، وفكر، ومنطق، واحتجاج، وبینة.



[ صفحه 132]



حتی لو اصطدمت مع والدك، حتی لو اصطدمت مع أستاذك، أو مع شیخك الذی تصلی خلفه، أو اختلفت فعلیك اتباع البینة والحجة والبرهان والله الموفق إلی سبیل الرشاد.


[1] قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة، 12 فقال أبو عبيدة بن الجراح له (لعلي كرم الله وجهه يا بن عم! إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ولا أري أبا بكر إلا أقوي علي هذا الأمر منك وأشد احتمالا واستطلاعا، فسلم لأبي بكر هذا الأمر، فإنك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت بهذا الأمر خليف وحقق، في فضلك ودينك، وعلمك، وفهمك، وسابقتك ونسبك وصهرك.

[2] قال ابن أبي الحديد في شرحه 4612 ط دار إحياء التراث العربي، بيروت وروي الزبير بن بكار في كتاب (الموفقيات) عن عبد الله بن عباس، قال: إني لأماشي عمر بن الخطاب في سكة من سكك المدينة، إذ قال لي: يا ابن عباس! ما أري صاحبك إلا مظلوما! فقلت في نفسي: والله لا يسبقني بها، فقلت يا أمير المؤمنين! فأردد إليه ظلامته. فانتزع يده من يدي ومضي يهمهم ساعة، ثم وقف فلحقته، فقال: يا ابن عباس! ما أظن منعهم عنه إلا أنه استصغر قومه! فقلت في نفسي: هذه شر من الأولي! فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك! فأعرض عني وأسرع، فرجعت عنه. وروي أيضا: في الرياض النضرة؟؟ الطبري: 2 - 173.

[3] سورة النساء الآية 54.

[4] سورة الأعراف الآية 142.

[5] سورة الزمر الآية 17 و 18.

[6] سورة الأعراف الآية 150.